سباق الذكاء الاصطناعي الخطير- أمريكا والصين نحو الهيمنة العالمية

المؤلف: هاني الظاهري10.14.2025
سباق الذكاء الاصطناعي الخطير- أمريكا والصين نحو الهيمنة العالمية

يشهد العالم في الوقت الراهن صراعاً محتدماً وسباقاً متسارعاً بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الصين الشعبية، الهدف منه هو بسط النفوذ والسيطرة على ميدان الذكاء الاصطناعي. هذا التنافس بات الشغل الشاغل والأكثر تداولاً في الأوساط السياسية والتكنولوجية، خاصة بعد تولي الرئيس ترمب سدة الحكم في البيت الأبيض وإطلاقه لمشروع "ستارجيت" الطموح، الذي يهدف إلى إنشاء بنية تحتية متطورة لهذه التكنولوجيا في الولايات المتحدة، باستثمارات ضخمة تتجاوز قيمتها 500 مليار دولار، وذلك بهدف التفوق المطلق على الصين في هذا المجال الحيوي. وحتى تتضح الصورة بشكل كامل، من الأهمية بمكان أن ندرك أن الهيمنة على مجال الذكاء الاصطناعي في هذا المنعطف التاريخي لا تقتصر فقط على التفوق العلمي البحت، بل تتعداه لتشمل الجوانب العسكرية والاستخباراتية الحساسة. ولهذا السبب، يعكس هذا التنافس الشرس إدراكاً عميقاً من قبل الدولتين لأهمية الذكاء الاصطناعي كعنصر جوهري في رسم معالم مستقبلهما، وتغيير قواعد اللعبة العالمية لتعزيز مكانتهما ونفوذهما على الساحة الدولية، بل وحتى التحكم في مصير البشرية جمعاء. تمتلك الولايات المتحدة ميزة الريادة التاريخية بفضل منظومتها البحثية المتميزة وشركاتها التكنولوجية العملاقة، مثل "Google" و"Microsoft" و"OpenAI". بالإضافة إلى ذلك، تتبنى واشنطن سياسات صارمة للحد من تصدير التقنيات المتقدمة والرقائق الإلكترونية إلى الصين، في محاولة يائسة للحفاظ على تفوقها التكنولوجي ومنع الصين من اللحاق بها. في المقابل، تواصل الصين تحقيق خطوات حثيثة وتقدماً ملحوظاً في مجال الذكاء الاصطناعي، مدفوعة بخطة وطنية طموحة تهدف إلى تحقيق الريادة العالمية بحلول عام 2030. وتقود هذه الجهود شركات التكنولوجيا الصينية العملاقة، مثل "علي بابا" و"تنسنت" و"بايدو". وقد أظهرت هذه الشركات قدرة فائقة على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي تضاهي النماذج الغربية، على الرغم من القيود الأمريكية المفروضة على تصدير التقنيات المتقدمة، مثل أشباه الموصلات والرقائق الدقيقة. وتبرر واشنطن هذه القيود بأن الذكاء الاصطناعي يمثل ساحة رئيسية للتنافس العسكري، بما في ذلك الطائرات بدون طيار، والأسلحة الذكية، وتحليل البيانات الاستخباراتية، وهو ما قد يدفع المجتمع الدولي مستقبلاً إلى وضع قوانين دولية صارمة لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري. يتسم السباق الصيني الأمريكي باختلاف جوهري في الأساليب المتبعة. فبينما تعتمد واشنطن على الابتكار الفردي والتعاون الوثيق بين القطاعين العام والخاص، تركز الصين على التخطيط المركزي الشامل والاستثمارات الحكومية الضخمة. ويعكس هذا التباين الاختلاف الجذري في الفلسفة الاقتصادية والسياسية لكل من البلدين. ختاماً، من الصعب التكهن بالجهة التي ستتصدر هذا السباق المحموم في المستقبل القريب. إلا أن المؤكد هو أن هذا التنافس في مجال الذكاء الاصطناعي ليس مجرد منافسة عابرة بين قوتين عالميتين، بل هو اختبار حقيقي لمستقبل التكنولوجيا وتأثيرها العميق على العالم بأسره. ومع استمرار هذا التنافس الشرس، يبقى الأمل معقوداً على أن يسفر عن تحقيق تقدم حقيقي يخدم الإنسانية جمعاء، بدلاً من أن يتحول إلى صراع مدمر يقوض الاستقرار العالمي ويهدد مستقبل البشرية.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة